حرب روسيا واوكرانيا - تحليل شامل لأسباب اندلاعها
The war of Russia and Ukraine a comprehensive analysis of the reasons for its outbreak
اندلعت الحرب بين روسيا واوكرانيا بعد ان شنت روسيا هجومها على اوكرانيا في يوم 24-2-2022، تحت تخوف جميع دول العالم من ان تصبح حرب عالمية ثالثة، في وقت لم يصح العالم من جائحة كورونا وما سببته.
الخلفية التاريخية لمخاوف روسيا
وحتى نفهم اسباب تلك الحرب، لابد ان نحكى لك القصة من البداية، فالدولة الروسية ومنذ ما يقارب من 1100 سنة، تشعر بضعفها بسبب موقعها الجغرافي السيء، لان روسيا حدودها مفتوحة من الشرق والغرب بمساحات شاسعة، وحاولت على مر السنين بأن تجد حلاً لحماية حدودها، فكان الحل الوحيد بان يوسعوا الرقعة الارضية حتى يصلوا لحدود تحميهم.
حماية الحدود الشرقية والغربية لروسيا
وفعلا تم توسعة اراضيها من ناحية الشرق حتى وصلوا الى "جبال الأورال" ومن بعدها فرضة روسيا سيطرتها على سيبيريا القطبية، وبالتالي من يفكر بان يغزوها من الشرق سوف يتجمد بسيبيريا قبل ان يصلها، وان تمكن من العبور سيجد امامة سلسلة جبال عالية من الاصعب تخطيها، وبهذا تمكنت روسيا من حماية حدودها الشمالية والشرقية.
اما الصعوبة المطلقة فكانت في حماية حدودها الغربية من ناحية السهل الأوروبي، وهذه منطقة مفتوحة ليس بها جبال ولا ثلوج، ولا يوجد حل لحماية الحدود الغربية ألا بالتحالف مع الدول الحدودية الغربية، خاصتاً اوكرانيا وبلاروسيا، وبالفعل تم التحالف بين روسيا وبلاروسيا واوكرانيا سنة 1919م.
الثورة البلشقية الشيوعية بروسيا
وعندما قامت الثورة البلشقية الشيوعية بروسيا، ومشى في خطاها حلفائها بلاروسيا وأوكرانيا، تم عمل أتحاد للدول الشيوعية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، كأنهم دولة واحدة يحميهم جيش واحد ويحكمهم حزب شيوعي واحد، فتم عمل الاتحاد السوفيتي سنة 1922، بقيادة روسيا، وبهذا امنت روسيا حدودها الغربية، والتي كانت صداع دائم وقلق لروسيا، وارتاحت بالاتحاد الروسي كقوة عظمى وبحجم كبير، يصعب على اطماع الغرب اختراقه.
هتلر والحرب العالمية الثانية
الى ان ظهر مجنون الحروب "هتلر" والذي قرر شن الحرب على روسيا واجتياح الغرب، بالحرب العالمية الثانية، ولكن في النهاية انتصر السوفيت بصعوبة بالغة على المانيا، وقسمت المانيا لجزئين منزوعة السلاح شرقية وغربية، وأمنوا باقي حدودهم الغربية بجدارة.
تغيير الدول العظمى بعد الحرب العالمية الثانية
وبعد الحرب العالمية الثانية تغير العالم كله، فانتهت وتفتت الدولة العثمانية، واصبحت الدول العظمى مثل فرنسا وانجلترا فاقدين للهيمنة على العالم، وانتهاء المانيا الذي دمرها زعيمها النازي هتلر بجنونه التوسعية، ولم يتبقى غير دولتين عظيمتين هم الاتحاد السوفيتي الشيوعي والولايات المتحدة الامريكية بالراس مالية.
حلف الناتو وحلف وارسو
الى ان تحالفت امريكا مع الدول الاوروبية سنة 1949 وتم انشاء "حلف الناتو" وتحالفت روسيا مع اصدقائها "بحلف وارسو"، واحتدم التنافس بينهم بحروب باردة للهيمنة على دول العالم فكل حلف يريد استقطاب وضم أكبر عدد من الدول، بالحروب الباردة سياسيا واقتصادياً وبالمؤامرات الخلفية على دول العالم.
ولكن برحمة ربنا لم يدخلوا بحرب عسكرية مباشرة، لأدراكهم بان أي حرب مباشرة عالمية ثالثة فسوف تنهى البشرية من على سطح الارض.
امد الحرب الباردة أضعف النظام الشيوعي
ولكن طول امد الحرب الباردة بين روسيا وامريكا والتي استمرت اربعون سنة أضر بشدة الاتحاد الروسي الشيوعي، لفشل النظام الشيوعي ونجاح النظام الرأسمالي في ارضاء شعوبهما، وسياسة "الند بالند" التي اهلكت حياة الشعوب الشيوعية، فكان تطوير صاروخ ينافس الصاروخ الأمريكي يتحمله الشعب الشيوعي من قوت يومه خلافا لشعوب الدول الغربية الغنية والمرفهة.
تفكك وانهيار الاتحاد السوفيتي
وفى سنة 1991م انهار حلف الاتحاد السوفيتي بسبب طول امد الحرب الباردة بين النظامين وتحمل الشعوب الشيوعية، وبوجود رئيس لين اراد التقرب للغرب وانهاء الحرب الباردة الرئيس " جورباتشوف " الذي قدم تنازلات وتصالح مع الامريكان في بادئ الامر سنة 1985، الذي ترك اثرة للدول المشاركة في الاتحاد السوفيتي وطلبوا الخروج من الحلف، وتفكك الاتحاد السوفيتي الى 15 دولة، وكل دولة تبحث عن مصلحتها بشكل مختلف، وظهر في الافق المشكلة الاساسية لروسيا بتامين حدودها الغربية من جديد.
اسباب اندلاع الحرب بين روسيا واوكرانيا
بعد ان تم معرفة الخلفية التاريخية بين الشرق والغرب، سوف نسرد اسباب الحرب الروسية الاوكرانية.
فعندما تفكك الاتحاد السوفيتي، اصبحت روسيا دولة ضعيفة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وكل من يريد شيئاً منها من الدول المنفصلة كان يناله بسهولة، وحصل نزاع بين روسيا وبلا روسيا واوكرانيا على من يستحوذ على السلاح النووي، وانتهى الامر باستحواذ روسيا على اغلب الرؤوس النووية التي كانت بحوزتها وتمسكت بلاروسيا واوكرانيا بما كان لديهم من تلك الرؤوس على اراضيهم.
مما أزعج الأمريكان بشدة، بعد ان كانوا يتعاملون مع كيان نووي واحد! أصبحوا يتعاملون مع ثلاث كيانات نووية، وكان الحل بان يضغط الامريكان على دولتي بلاروسيا واوكرانيا للتنازل عن الرؤوس النووية التي لديهم الى روسيا.
فوافقت اوكرانيا بالتنازل لروسيا مقابل ان تعترف روسيا بحدود اوكرانيا كاملة وان تسلم "شبه جزيرة القرن" الواقعة في حدود اراضيها، ووافقت روسيا وتمت الصفقة بقبول شروط اوكرانيا، رغم اهمية شبة جزيرة القرن لروسيا لأنها المنفذ الوحيد لها على البحر ومن الاجزاء المهمة لأمنها القومي في الحدود الغربية.
فلاديمير بوتن رئيس لروسيا
بظهور الرئيس المخابراتى المحنك والقوى "فلاديمير بوتن" سنة 1999م، فرفع شعار الديمقراطية والسلوك الرأسمالي والانفتاح والحب للعالم، حتى شعر العالم الغربي وحلف الناتو بقيادة امريكا، بالارتياح لوجوده كرئيس لروسيا، ولكن بمرور السنين أدركوا بانه ليس برجل سهل، فهو يخطط ويقوى بلادة حتى يستعيد مجد الاتحاد السوفيتي للسيطرة على الدول المنفصلة ليصبح قوة عظمى مرة اخرى.
الثورة الاوكرانية وتغيير الاتجاهات السياسية
وفى سنة 2014م، وعندما اندلعت الثورة الاوكرانية على الرئيس السابق والصديق الحميم وحليف الرئيس الروسي بوتن وهو "فكتور فينوف تش" فكانت الحكومة الجديدة والتي تميل ميولها السياسية ناحية الغرب، فصمم بوتن على اخذ شبه جزيرة القرن من اوكرانيا لأهميتها بالنسبة لروسيا فهي المنفذ الوحيد على المياه لروسيا، وان انضمت اوكرانيا للغرب فقد يفقد منفذة الوحيد على المياه، ويكون تحت رحمة اوكرانيا بيد الغرب، وهذه مسألة امن قومي لروسيا لا تنازل عنها، فالحكومة الجديدة برئاسة " كالنسكي" اطلق امالة بالانضمام لحلف الناتو لتحمية من تعديات روسيا.
ما هو حلف الناتو
فحلف الناتو اتفاقية دفاع مشترك، أي ببساطة الدول المشتركة في الحلف يدافعوا عن بعض في الحروب ضد أي دولة، وامريكا وفرنسا وانجلترا اعضاء دائمين في الحلف.
سبب الحرب الروسية على اوكرانيا
فأدرك بوتن المحنك بان انضمام اوكرانيا لحلف الناتو، سوف يجلب لروسيا مواجهة الغرب بأسلحته وقواعده الحربية لحدود روسيا بشكل مباشر.
فحزر بوتن بالطرق السياسية اوكرانيا والغرب من انضمام اوكرانيا كثيرا، ولكن لم يجد استجابة، فضرب بعرض الحائط بالقانون الدولي الموضوع اغلبيته في صالح الدول الغربية، وأعلن الحرب على اوكرانيا لتامين الامن القومي لروسيا، فان سكت للغرب بتهديد امن روسيان سوف تهتز هيبة روسيا مرة اخرى.
فهذا التحليل ليس لجانب الروس او الغرب ولكن لفهم جزور قيام تلك الحرب، فأمريكا تعمل دائماً بسياسة " مكاسب او للمكاسب" بوضع اعدائها امام اختبارات عديدة كلها تصب في مصلحتها أولاً واخيراً.
فلو بوتن نجح باحتلال اوكرانيا، فسوف يفقد العداد والافراد مما يضعف روسيا، وسيكون محاصرا اقتصاديا وسياسيا عالميا وسيصبح غير محبوب باعتدائه في نظر العالم بالقانون الدولي، ولو فشل في تلك الحرب، فان روسيا ستعاني لمدة طويلة من حرب العصابات والحصار السياسي والاقتصادي وهذا لصالح الغرب.
لكن رئيس روسيا المحنك "بوتن" مدرك تلك الخيارات جيدا، فقرر الهجوم على اوكرانيا يوم 24-2-2022م! ولكن بطريقة مختلفة عن سياسة روسيا السابقة في حروبها القديمة "سياسة الحرب المحروقة" وهي دخول أي بلد بتدميرها عن بكرة ابيها من جنود واسلحة ومدنيين، ولكن في تلك الحرب روسيا حريصة على ان تكون الخسائر المدنية اقل ما يكون.
اهداف روسيا من تلك الحرب
وروسيا بقيادة بوتن تريد تحقيق اهداف سياسية وعسكرية محددة بدون خسائر مدنية لأوكرانيا امام العالم، وتحقق مطالبه بالقوة بتدمير المناطق العسكرية والسلاح الأوكراني لجعل اوكرانيا بلد منزوعة السلاح، وحتى تاريخ هذه المقالة ضربت روسيا 800 صاروخ على اماكن عسكرية وبنية تحتية، وتجنب المدنيين بقدر المستطاع، وتوقف عن ضرب المدن لأيام، وعمل ممرات أمنة حتى يخرج المدنيين بسلام.
رد فعل الغرب على روسيا
عاقب الغرب بالقانون الدولي بالعقوبات الاقتصادية والتي وصلت لأكثر من 5000 عقوبة متنوعة، ولكن بوتن ماضي في تنفيذ أهدافه، ورد عليهم بعدم احتياجه لعلاقات خارجية، وأصدر قائمة عريضة بغلق سفارات كثيرة للدول الغير صديقة، ووضع امريكا والغرب امام اختيارات كلها تصب بمصلحته وبنفس سياستهم "مكاسب او للمكاسب".
وهكذا فان الحلف الغربي بقيادة امريكا ليس لهم الى ثلاث حلول، اما السكوت عما يفعله، واما ان يدخلوا بحرب مباشرة ضده بعد ان قالوا يان ليس لديهم استعداد لدخول حرب عالمية ثالثة يكون سببها الدفاع عن اوكرانيا، او يفرضوا عقوبات اقتصادية وسياسية على روسيا! فكان الخيار الاخير.
وهكذا أصبح الغرب بموقف لا يحسد علية أحد، فاذا ربح بوتن تلك الحرب بدون مجازر مدنية، فقد سبت للعالم ان روسيا اقوى دول العالم بشكل حقيقي.
رئيس اوكرانيا غرر به من قبل الغرب
رئيس اوكرانيا "زيلبنسكى" المغرر به من قبل الغرب في موقف ضعيف، فهو رئيس كان ممثل ومغنى وفنان لم يحنك بما فيه الكفاية بخبرات رئاسة دولة، يستجدى الغرب بالدفاع او حتى بفرض حظر طيران على اوكرانيا!
لكن الغرب يرفض تماما التدخل العسكري بأي شكل، وفقط قدم له المساعدة المادية للاجئين المدنيين ومدة بأسلحة دفاعية فقط، فتصوروا جيش ترتيبه 22 على العالم يواجه جيش مصنف الثاني على العالم بأسلحة دفاعية فقط فالنتيجة حتمية!
فتخلا الغرب عن اوكرانيا خوفا من حرب عالمية ثالثة، وأدرك الرئيس الأوكراني الموقف، وصرح بعدم انضمامه لحلف لا يقدر على حماية بلادة، وأصبح كل أمنياته ان يجلس للتفاوض مع الرئيس الروسي.
ولكن بوتن صرح بعدم انهاء حربة على اوكرانيا او التفاوض الى بتنفيذ أهدافه وهي نزع السلاح من اوكرانيا والسيطرة الكاملة عليها تامينا لحدوده الغربية.
في النهاية لا أحد مع الحروب، لان لا يدفع ثمنها غير الشعوب، فأصبح الشعب الأوكراني لاجئاً على حدود الدول القريبة، وحتى الروس فلديهم عقوبات سيدفع ثمنها الشعب الروسي.
وحينما نفكر بالموقف الروسي، فمن الطبيعي ان تريد حماية حدودها من أي عدوان يهدد امنها القومي، خاصتاً ان اوكرانيا الارض الاخيرة للدفاع ضد حلف الناتو.
ما يفعله الروس الان فعلته امريكا سابقا
ما فعلة الروس اليوم فعلته امريكا بالسابق بدون أي عقاب، حينما اجتاحت كوبا والدينمكان الذين تحالفوا مع الروس، وأرادوه احضار القواعد العسكرية النووية على الحدود الجنوبية لأمريكا، وتعاملت امريكا مع كوبا والدينمكان بمنتهى الوحشية، بأرسال 22 وحدة عسكرية واحتلت الدينمكان وخلعوا النظام الشيوعي منها تامينا لحدودها الجنوبية من المد الشيوعي لروسيا، بمعنى ان الموضوع ليس جديداً، وما يفعله الروس فعلته امريكا بالسابق دون أي عقاب.
ختام القول
نتمنى ان تنتهي تلك الحرب على خير، لأن ضررها سوف يقع على كل شعوب العالم بشكل او بأخر.
وهكذا قد وضحت الامور كلها! فهل روسيا دولة معتدية أم انها دولة تحافظ على امنها القومي من مصالح الغرب للهيمنة بقيادة امريكا؟
اكتب رأيك بالتعليقات بعد قراءة الموضوع جيداً.
قد يهمك
كلمات دلالية
#حرب_روسيا_واوكرانيا_تحليل_شامل_لأسباب_اندلاعها
الحرب الروسية على اوكرانيا, اسباب اندلاع الحرب, تحليل كامل لفهم اسباب الحرب,
امريكا, روسيا, أوكرانيا, انجلترا, فرنسا, الكتلة الشرقية, الكتلة الغربية, حلف الناتو, حلف وارسو, الشيوعية , والراس مالية, بوتن, كلانسكى,
يمكنك الاستفسار اوالتعليق